فتجد طباق السلب بين الاسم المثبت مثقوبة والفعل المنفي تثقب، وهو من طباق السلب بين الأسماء والأفعال، ومثل ذلك قول بشار:
إذا كنتَ في كل الأمور معاتبًا ... صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فقد اجتمع هنا اسم الفاعل معاتبًا المثبت مع الفعل المضارع المنفي تعاتبه، ومنه كذلك قول مسلم بن الوليد:
هي البدر يغنيها تودد وجهها ... إلى كل مَن لاقت وإن لم تودد
فتودد الأولى مصدر مثبت، وتودد الثانية فعل منفي.
ومنه قول الشاعر:
والصارم المصقول أحسن حالةً ... يوم الوغَى من صارم لم يصقل
فقد اجتمع فيه الاسم المثبت مصقول مع الفعل المنفي لم يصقل، وكذلك منه قول أبي نواس الذي كان يستحسنه ابن دريد:
لا جزا الله دمع عيني خيرًا ... وجزا الله كل خير لساني
نمّ دمعي فلم يكتم شيئًا ... ورأيت اللسان ذا كتمان
فقد التقى فيه الفعل المنفي يكتم، والاسم المثبت كتمان.
وهكذا يتبين لنا أنه ما من صورة يصح ورودها في طباق الإيجاب إلا وجدتَ لها صورة أخرى في طباق السلب، الأمر الذي يعني أن الخطيب حين قصر طباق السلب على الأفعال أو بين الأمر والنهي دون طباق الإيجاب الذي عممه وجعله في الأسماء والأفعال والحروف، حجّر واسعًا ولم يكن مصيبًا، فقد ثبت لنا أن هذا غير دقيق، وأن شواهد العربية حافلة بصور طباق السلب في الأسماء والأفعال والحروف، بل في النوعين المختلفين، كما هي حافلة تمامًا بصور طباق الإيجاب في هذه الأنواع ذاتها.