فالوجه مثل الصبح مبيضٌّ ... والفرع مثل الليل مسودٌّ
ضدان لما استجمعَا حسُنَا ... والضد يظهر حسنه الضدُّ
فالتقابل بين البياض والسواد في البيت حقق المطابقة بينهما.
النوع الرابع من أنواع المقابلات: تقابل الإيجاب والسلب: كتقابل مطلق الوجود وسلبه، كالذي نراه في قوله تعالى مثلًا: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الروم: 6، 7) فهذه الآية ليس فيها تقابل على الحقيقة بين العلم المنفي والعلم المثبت، ولكن بينهما تقابل في الجملة إذا أخِذَا على الإطلاق.
النوع الخامس من أنواع التقابلات: تقابل العدم والمِلك: كتقابل العمَى والبصر، والقدرة والعجز بناء، على أن العجز نفي للقدرة عمن من شأنه الاتصاف بالقدرة وعليه قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} (الرعد: 16) فالأعمى والبصير بينهما مطابقة؛ لأنهما متقابلان أو متنافيان؛ لتنافي العمى والبصر.
النوع السادس من أنواع التقابلات: تقابل التضايف: كتقابل الأبوة والبنوة، وقيل: إن الجمع بين الأبوة والبنوة من باب مراعاة النظير وليس طباقًا، ورُدَّ: بأن مراعاة النظير يكون فيما لا تنافي فيه كالشمس والقمر، بخلاف ما فيه التنافي كالأبوة والبنوة، ونجد هذا النوع الذي تحقق به المطابقة في قوله تعالى: {آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} (النساء: 11).
وعلى الجملة، فإن التقابل يشمل كل ما يشعر بالتنافي لاشتماله بوجه ما على ما يوجب التنافي كما ترى ذلك في قول أبي تمام:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ... قنا الخط إلا أن تلك ذوابل