-يعني: الزمخشري- من هذه الألوان، فوجدته يشير إلى بلاغتها، وإلى أنها فن من كلامه البديع، وطراز عجيب، وأنها من مستغرب فنون البلاغة، ثم يشيد ببلاغة القرآن المعجزة التي تحيط بكل هذا الفنون، وتوجد فيها على أحسن صورة، وأقوم منهج.

يقول -يعني: الزمخشري- في المشاكلة: ولله در التنزيل وإحاطته بفنون البلاغة وشعبها لا تكاد تستغرب منه فنًّا إلا عثرت عليه فيه على أقوم مناهجه وأسد مدارجه. ويقول في نوع من أنواع اللف: إنه لطيف المسلك، لا يكاد يهتدي إلى تبينه إلا النّقاب المحدث من علماء البيان. ويذكر -أي: الزمخشري- إعجاب شريح القاضي ببلاغة الشاهد الذي راعى على المشاكلة حين قال له شريح: إنك لسبط الشهادة، فقال الرجل: إنها لم تجعّد عني، فقال له شريح: لله درك وقَبِلَ شهادته، ثم هو يبسط هذه الألوان -أي: الزمخشري- ويحللها ويشرح أسلوبها، وما تنطوي عليه من أسرار ونكت، وهذه طريقته في دراسة فنون البيان والمعاني.

انتهى من كلام الشيخ أبي موسى.

وقد صرح العلامة صفي الدين الحلي بأن محاسن البديع يُعرف بها كما يعرف بغيرها من ألوان المعاني والبيان ومسائلهما؛ يعرف بها وجه إعجاز القرآن الكريم، وذلك في قوله: لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم ومعرفة حقائقه إلا بمعرفة علم البلاغة وتوابعها من محاسن البديع اللتين بهما يعرف وجه إعجاز القرآن، وصحة نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- بالدليل والبرهان.

مما سبق يتضح لنا إذن -بما لا يدع مجالًا للشك- أن علم البديع لا يقل منزلةً وشأنًا عن العلمين الآخرين "المعاني والبيان"، فإن مدخله في بلاغة الكلام وقوته وإعجاز القرآن الكريم وسرّ عظمته، جعل له من الفضل والمزية ما لهما، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015