أن يسجل ألوان البديع التي كثرت في الشعر، وأن يحولها إلى قواعدَ وأصول، فكان له ما أراد بكتابه الذي يعد بداية التأليف في هذا العلم وهو كتابه (البديع).
وتحول البديع بهذا المؤلف من أصباغ تتناثر في الشعر ويهتم بها الشعراء وحدهم إلى قواعد وأصول، يضمها كتاب مستقل، ويعضدها جامعها بالشواهد والأمثلة التي توضح معانيها، وتبين طرائقها، وكان الباعث على تأليف هذا الكتاب هو الدفاع عن أنصار البديع، وأن يثبت ابن المعتز أن هذه الألوان معروفة في العربية منذ القديم، وأن كثيرًا منها ورد في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وقد صرَّح بهذا الهدف في مقدمة كتابه بقوله: إنما غرضنا في هذا الكتاب تعريف الناس أن المحدثين لم يسبقوا المتقدمين إلى شيء من أبواب البديع، وفي دون ما ذكرنا مبلغ الغاية التي قصدنا إليها.
ويذهب صاحب (البيان العربي): إلى أن بديع ابن المعتز هو أول كتاب في البلاغة العربية بالمعنى الصحيح، حيث لم يجاوز في موضوعاته وفنونه دائرة البحث البلاغي، ويصرح في موضع آخر من كتابه: بأن كتاب (البديع) أثر من آثار (البيان والتبيين) للجاحظ. فقد كان ابن المعتز واحدًا من علماء اللغة والأدب الذين أثارهم بيان الجاحظ بعد أن وعوه وفهموه، فقدم لنا كتابه (البديع) وأودعه ثقافته البيانية، وما تأثر به من المسائل البيانية والبلاغية التي أثارها الجاحظ في كتابه.
وقد استقصى ابن المعتز ما في الشعر من محسنات بديعية على ما أمكنه واتسع له وقته وهُدي إليه، وأثبت ما جمعه في كتابه. فكان مجموع ما ذكره في هذا المؤلف سبعة عشر نوعًا من المحسنات، جعل منها الاستعارة والكناية وقال: ما جمع قبلي فنون البديع أحد ولا سبقني إلى تأليفه مؤلف، ومَن رأى أن يقتصر على ما اخترنا فليفعل، ومن رأى إضافة شيء من المحاسن إليه فله اختياره.