فالمعاني يشمل كل ضروب القول شعرًا ونثرًا، وقرآنًا وسنة، خصائص التراكيب في كل كلام العرب، وفي كل ما وصل إلينا من كلام بليغ.
لكن علم البيان تكلم عن الوجوه والطرق التي يتأتَّى بها هذا الكلام البليغ، فهذا له مجال، وهذا له مجال، وكل منهما يُكمل الآخر، ونزيد هنا فنقول: أن كلمة علم، نريد أن نعرج إلى تعريف علم البيان، يقولون: علم يُعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه، فكلمة علم تعني مجموعة القواعد، والضوابط، والقوانين التي يُعرف بها إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة، كضوابط الاستعارة، والمجاز، وقوانين الكناية، والتعريض، والذي لا يقلُّ عن ذلك أهمية هو الملكة التي تتربَّى لدى الدارس؛ لتذوق هذه الضوابط، وتطبيقها على النصوص.
ومرادهم بالمعنى الواحد المعنى الذي يعبر عن المتكلم بكلام تام مطابق لمقتضى الحال، على ما مر بنا من أمثلة حول معنى الكرم، قولهم بطرق مختلفة مع وضوح الدلالة عليه يعني: متعددة ومتفاوتة في درجة الوضوح، بأن يكون بعضها واضح، وبعضها أوضح، وبعضها أشد وضوحًا، ألا ومرادهم بكلمة مع، أو في وضوح الدلالة عليه.
المقصود من كلمة الدلالة في علم البيان: الدلالة اللفظية، لماذا؟ لأننا عندنا عدة دلالات، فهناك ما يسمى بدلالة العقد، وهي دلالة الحساب التي تكون بأصابع اليد، وهناك دلالة الإشارة، وتكون باليد، أو بالرأس، أو العين، أو الحاجب، هناك دلالة الخط التي هي دلالة الكتابة، هناك دلالة الحال التي، كدلالة الحمرة على الخجل، الذي يعنينا هو الدلالة اللفظية.
والبلاغيون اعتمدوا هذه الدلالة اللفظية، وأسموها بالدلالة العقلية، وهذه تشمل دلالة التضمين ودلالة الالتزام، هذه مصطلحات ذكرها السكاكي،