بقدرته، أو قال له أهل الموقف ذلك، لم يحسن ذلك الكلام، ولا ما كان فيه من الفائدة شيء، تعالى الله أن ينسب إليه مثل ذلك. فمثل هذا التخصيص على ما تمليه دقة اللغة ولطافتها إنما خرج مخرج الفضل له عليه السلام على غيره، كما أن ذلك أمر اختص به آدم، ولم يشاركه فيه غيره، فلا يجوز حمل الكلام على ما يبطله.
يقول أبو سليمان الخطابي صاحب (معالم السنن) المتوفى سنة 388: "ليس معنى اليد عندنا الجارحة إنما هي في حق الله صفة جاء بها التوقيف، فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة".
هذا الكلام ساقه البيهقي في كتابه (الأسماء والصفات) صفحة 479 والكلام في ذلك كثير، وينظر فيه كتابنا في (الرد على السعد التفتازاني في مسألة التجوز في غير صفات المعاني).
ومن المجاز المرسل لعلاقة السببية استعمالهم لفظ الإصبع في الأثر الدقيق من حذق بارع أو رسم جميل أو نقش لطيف، إذ الإصبع سبب في إحداث هذا الأثر البديع الرائع، ومنه قولهم: إن لفلان على هذه اللوحة إصبعًا، وإصبع فلان بادية في هذا الخط، ولهذا الصائغ في صناعة هذا السوار إصبع بارعة، وكقول الشاعر في صفة راعي الإبل:
ضعيف العصا بادي العروق ترى له ... عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا
أي ترى له عليها أثر حذق ومهارة، ويشترط لصحة هذا الاستعمال أن يكون للإصبع تأثير في إحداث الأثر الذي يعبر به عنه، ناهيك عن القرينة التي أشرنا إليها، وقلنا أنها شرط في حمل الكلمة على المجاز.