يقصد بذلك فتاته، وقول آخر:
لما رآني مقبلًا هز نفسه ... إلي حسام كلُّ صفح له حد
ولم أر قبلي من مشى البدر نحوه ... ولا رجل قامت تعانقه الأسد
فقد استعار الشموس والبدر والأسد لممدوحه، ثم بنى كلامه على تناسي التشبيه، وأمعن في التناسي، فجعل الممدوح بدرًا وشموسًا، وأسدًا على الحقيقة، ولهذا ساغ التعجب، وساغ التعجب أيضًا في قول ابن العميد:
قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس
والنهي عنه في قول ابن طباطبا:
لا تعجبوا من بلى غلالته ... قد زرّ أزراره على القمر
فلولا بناء الكلام على المبالغة والإمعان في تناسي التشبيه، وادعاء أنها شمس وقمر على الحقيقة؛ لما ساغ التعجب في الأول، ولا ساغ النهي في الثاني.
هذا ومن تقسيمات الاستعارة الفرعية تقسيمها إلى عامية مبتذلة، وخاصية غريبة.
استعارة العامية المبتذلة: هي ما قرب فيها الجامع واتضح بحيث يدركه العامة، كاستعارة الأسد للرجل الشجاع، والبحر للكريم الجواد، والبدر للحسناء، ولوضوح الجامع وقربه في الاستعارة المبتذلة لا يهتم بها البلغاء، ولا تستحسن إلا في مقام الإرشاد والوعظ، وتقرير المسائل العلمية والمخاطبة العامة.
أما الاستعارة الخاصية الغريبة: فهي ما بعد فيها الجامع، ودق واحتاج في إدراكه والوقوف عليه إلى كثرة تفكير وإطالة نظر، ودقة ملاحظة، ودائمًا ما ترجع غرابة الاستعارة إلى أحد العوامل الآتية: