وعد البدر بالزيارة ليلًا ... فإذا ما وفى قضيت نذوري
فهنا استعار البدر للمحبوبة والقرينة قوله "وعد"، ثم ذكر ما يلائم المستعار له من الزيارة والوفاء بها على سبيل التجريد، فهي استعارة مجردة، من ذلك قولنا: هذا عالم يُستضاء برأيه في مواجهة المشكلات وحلها، وهنا استعار المصباح المضيء للرأي الصائب، ثم حُذف المستعار منه وهو المصباح، ورمز له بلازمه، وهي كلمة يستضاء على سبيل الاستعارة المكنية.
وقد ذكر في العبارة ما يلائم المستعار له، وهو كلمة الرأي، وذلك بقوله في مواجهة المشكلات وحلها بمعنى: أنه شبه الرأي الصائب بالمصباح المضيء، ثم حذف المشبه به وهو المصباح، وذكر ما يلائم هذا المشبه المذكور، وهو قوله في مواجهة المشكلات.
ونظير ذلك قول القائل: "رحم الله امرأ ألجم نفسه بإبعادها عن شهواتها" حيث استعير الجواد للنفس استعارة مكنية، والقرينة إضاف الإلجام للنفس، ثم ذُكر ملائم للمستعار له وهو إبعادها عن شهواتها، بمعنى: أنه شبه النفس الأبية بالفرس المدبوح الجماح، ثم حذف المشبه به على سبيل المكنية، وذكر ما يلائم المشبه المذكور، وهو المستعار له، وذلك بقوله إبعادها عن شهواتها، من ذلك قول كثير:
غمر الرداء إذ تبسم ضاحكًا ... غلقت لضحكته رقاب المال
فهنا استعار الرداء للمعروف بجامع أن كلًّا منهما يصون صاحبه والقرينة ما ذكره من المال، وتبسم الممدوح عند الجود به، وقد ذُكر في البيت ملائم للمستعار له، وهو إضافة غمر بمعنى كثير إلى الرداء، فيكون بذلك قد شبه الممدوح في معروفه وجوده بالرداء بجامع الصون، ثم حذف المشبه على سبيل التصريحية، وذكر ما يلائمه وهو إضافة غمر بمعنى كثير إلى الرداء؛ لأن الكثرة تلائم المعروف.