المعاني الثابتة القابلة للوصفية، وهي المصادر، ثم يستعار المصدر المشبه به للمصدر المشبه، ويشتق منه الفعل أو اسم الفاعل، أو اسم المفعول بعد أن يحمل المعنى الجديد لمصدره الذي انتقل إليه بالاستعارة، فيكون الفعل أو المشتق حينئذٍ تابعًا لمصدره في حمل المعنى الجديد، كما رأينا في إجراء الاستعارات السابقة.

تلك هي خطوات إجراء الاستعارة التبعية، وقد أعدتها عليك؛ لتتعرف كيف تجري الاستعارة في الأفعال، أو في الأسماء الأصلية، وكما كانت الاستعارة في الأفعال والمشتقات تبعية؛ لأن جريان الاستعارة في الأفعال والمشتقات تابع لجريانها في مصادرها؛ إذ الأفعال والمشتقات لا تنفك معانيها عن معاني أصولها، وهي المصادر، وإذا تغير معنى الأصل بالاستعارة تغير تبعًا لذلك معنى الفرع المشتق منه.

وقد اعتبر البلاغيون التشبيه والاستعارة في المصدر قبل اعتبارهما في الفعل والمشتقات؛ لأن المصدر هو المعنى القائم بالذات، فهو الجدير بأن يعتبر فيه التشبيه والاستعارة قبلان.

أما الحروف فقد عُدَّت الاستعارة فيها تبعية؛ لأن الحرف لا يدل على معنى مستقل، بل يدل على معنى في غيره، ولذا لا يصلح للتشبيه ولا الاستعارة؛ بل يقع التشبيه والاستعارة في متعلق معناه أولًا؛ لأنه هو الذي يستقل بالدلالة، ومتعلق معنى الحرف عند الخطيب هو مدخوله، وعند الجمهور هو المعنى العام الذي نفسر به الحرف.

ويتضح ذلك في قولنا: فلان في نعمة. فالخطيب يشبه مدخول الحرف وهو النعمة بظرف تحل فيه الأشياء بجامع مطلق ارتباط وتعلق في كلٍّ، ويدل على التشبيه بلفظ في الذي هو لازم من لوازم المشبه به وهو الظرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015