وهو بهذا المعنى يشمل علوم البلاغة الثلاثة المعاني والبيان والبديع، ويرادف الفصاحة والبلاغة والبراعة التي أدرجها جميعًا عبد القاهر تحت مسمى، أو باب واحد. هذا كله كلام في معنى البيان لكن بمعناه الواسع، أو بمعناه اللغوي.
البلاغيون لهم اصطلاح في تعريف البيان، فما هو تعريف البيان في اصطلاح البلاغيين قالوا: "إنه العلم الذي به يُعرف إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه" وهو بهذا يتميز عن علم المعاني الذي يُعرف به أحول اللفظ العربي، التي بها يطابق مقتضى الحال، كما يتميز عن علم البديع الذي يبحث في وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة، ووضوح الدلالة، وقبل أن نتناول تعريف علم البيان بالشرح يروق لنا أن نسوق هذه الأمثلة؛ ليتكشف لنا علم البيان والمجال الذي يختص به دون سواه، أذكر بعض أبيات في معنًى واحد ينطبق عليها التعريف، أتت بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه، على هذا المعنى الواحد يقول الشاعر الحماسي:
هم البحور عطاء حين تسألهم ... وفي اللقاء إذا تلقى بهم بُهُم
شاعر آخر هو بديع الزمان الهمذاني يقول:
يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبًا ... لو كان طلق المحيَّا يمطر الذهب
يقول أبو نواس:
إن السحاب لتستحيي إذا نظرت ... إلى نداك فقاسته بما فيها
وتقول الخنساء:
وكنت إذا كفٌّ أتتك عديمة ... ترجِّي نوالًا من سحابك بلتي