بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السابع
(الاستعارة)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:
فقلنا: إن المجاز اللغوي إنما يكون التجاوز فيه في ألفاظ اللغة، بينما المجاز العقلي يكون التجاوز فيه في الأسانيد.
وعرجنا على الفرق في المجاز اللغوي بينما كان منه على المشابهة وهو استعارة، وما كان منه على غير المشابهة وهو المجاز المرسل.
ثم ذكرنا الفرق بين ما كان على المشابهة، وصُرح فيه بلفظ المشبه به، وهي الاستعارة التصريحية، وبين ما صرح فيه بلفظ المشبه وهو الاستعارة المكنية.
إذن فالاستعارة تنقسم عند جمهور البلاغيين إلى قسمين: استعارة مكنية، وهي التي لا يصرح فيها بلفظ المشبه به، بل يطوى ويرمز له بلازم من لوازمه، ويسند هذا اللازم إلى مشبه، ولهذا سميت استعارة مكنية، أو استعارة بالكناية؛ لأن المشبه به يُحذف، ويُكنى عنه بلازم من لوازمه، وإثبات لازم المشبه به للمشبه هو ما يُسمى بالاستعارة التخييلية، وهي قرينة المكنية.
والاستعارة التصريحية وهي التي يُصرح فيها بلفظ المشبه به المستعار، كقولنا: رأيت أسدًا يخطب الناس، فالمعنى المراد وهو الرجل الشجاع له تحقق ووجود، فهو مدرك بالحس، وقد صُرح فيه بلفظ المشبه به كما ترى، ومن ذلك قول زهير:
لدى أسد شاكٍ السلاح مقذف ... له لبد أظفاره لم تقلم
وقد استعار لفظ الأسد للبطل الجسور المدجج بسلاحه الذي يُقذف به في المعارك؛ لقوته وخبرته، وحين جعل البطل أسدًا جعل له لبد الأسد، وأظافره