البغال (صفحة 96)

ولو كلّف البرذون الطّحن لهرج «1» في ليلة واحدة.

والبغل لا يصرد كما يصرد الحمار، ولا يهرج البرذون.

وفي أمثال العامّة: الحمار لا يدفأ في السنة إلّا يوما واحدا، وذلك اليوم أيضا لا يدفأ، كأنهم قضوا بذلك إذ كان عندهم في الصّرد ووجدان البرد، في مجرى العنز والحيّة والجرادة، وإن كان المثل قد سبق في غيره، يقال: «أصرد من جرادة» ، و «أصرد من حيّة» .

وقال بعض من يحمد البغل: البغل لا يصرد كما يصرد الحمار، ولا يهرج كما تهرج الرّمكة في الحرّ، والبغل يطحن، وهو فوق كلّ طاحن. ولو طحن البرذون يوما واحدا في الصّيف لسقط. ألا ترى أن الثور يطحن والجاموس أقوى منه وهو لا يطحن، وهو أيضا ممّا يهرج.

وليس البغل كالفيلة: الفيلة لا تلقح إلّا في أماكنها، والبغلة قد تلقح في جميع البلدان، ولكنّ أولادها لا تعيش، والفيل الشابّ لا ينبت نابه عندنا.

ولما سمع أبو الربيع الغنويّ أنّ كسرى كان يعول تسعمائة فيل، وينفق عليها وعلى سوّاسها، ويقوم بشأنها ومئونتها، قال:

يزعمون أنه كان مصلحا، وسائسا مدبّرا؛ كان- والله- عندي يحتاج إلى أن يحجر عليه، انظروا كم كان يستهلك من الأموال عليها في غير ردّ «2» ، فإن كان يريد أن يباهي بها، ويهوّل بها في الحروب، حبس منها بقدر ذلك.

ولقد رأى رجل في المنام أنّه ركب فيلا، وقصّ رؤياه على ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015