البغال (صفحة 95)

جعفر بن وهب قد قال:

هل الحفظ إلّا للصّبيّ وذو النّهي ... يمارس أشغالا تشرّد بالذّكر

فإن كان قلب الغمر للحفظ فارغا ... تناول أقصاه وإن كان لا يدري

يهذّ «1» أمورا ليس يعرف قدرها ... وهل يعرف الأقدار غير ذوي القدر

وقال أبو دلف في بعض تلك المسابقات:

وليس فراغ القلب مجدا ورفعة ... ولكنّ شغل القلب للهمّ دافع

وذو المجد محمول على كلّ آلة ... وكلّ قصير الهمّ في الحيّ وادع

فزعم أنّ الأعمى إنّما يحفظ لقلّة خواطره وشواغله. وعلى قدر الشواغل والخواطر تنبعث الهمة، وتصحّ الرويّة، وتبعد الغاية.

وقالوا: طحن الحمير والبغال والبقر والإبل، لا يجيء إلّا مع تغطية عيونها، ومنافع الطحن عظيمة جدّا؛ وطحن البغال أطيب وأريع، وكيل ما تطحن أكثر؛ وطحين أرحاء القرى لا يكون له طيب، لأنّ أرحاء الماء، التي هي أرحاء القرى، تحدق الدّقيق، وتفسد الطّعم. فهذه المنفعة الكثيرة، للبغال فيها ما ليس لغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015