رابعا: ليس للحديث إسناد.
ويخلص الجاحظ إلى اعطاء حكم في الأخبار والمخبرين في عصره: «أن ثمة مخبرين كذا بين يصنعون الأخبار أو يولدونها أو يحرفونها لأسباب مذهبية أو دينية أو سياسية أو عنصرية من هؤلاء أبو مخنف والشرقي بن القطامي، والكلبي، وابن الكلبي، ولقيط المحاربي، وشوكر وعطاء الملط، وابن دأب، وأبو الحسن المدائني، وحماد الذي قال عنه يونس بن حبيب: «يا عجبا للناس كيف يكتبون عن حماد وهو يصحف ويكذب ويلحن ويكسر» .
وثمة رواة عرفوا بصدقهم وأمانتهم وتوقفهم منهم قتادة وأبو عمرو بن العلاء، وابن جعدبة، ويونس بن حبيب، وأبو عبيدة، ومسلمة بن محارب، وأبو عاصم النبيل، وأبو عمر الضرير، وخلاد بن يزيد الأرقط، ومحمد بن حفص، وعبد الله بن محمد، وسحيم بن قادم.
إن الجاحظ مفكر اعتزالي حكم العقل في جميع الأمور ووقف موقفا وسطا بين مختلف الفرق الدينية، وبين الصحابة، ولا سيما أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، كما يتضح من رسائله العديدة كالثابتة والعثمانية والحكمين. ونحن في كتاب «البغال» نلمح هذا الموقف من سياق النص. فهو مثلا يعلن موقفه من الشيعة وعلي بن أبي طالب، فينتقد الشيعة ويؤيد عليا من خلال الخبر التالي «قالوا: وكان علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، يكثر ركوب بغلة عبد الله بن وهب الشهباء، التي غنمها يوم النهروان. هذا من قول الشيعة، وأما غيرهم فينكرون أن يكون علي كرم الله وجهه، يرى أن يغنم شيئا من أموال أهل الصلاة، كما لم يغنم في أموال أصحاب الجمل» .