قالوا: ولما بلغ المأمون اختلاط من حال البريد، وجّه ثمامة بن أشرس «1» ، ليتعرّف له ذلك. فلما رجع إليه وسأله، قال: يا أمير المؤمنين، تركت بغلا على معلف كذا وكذا وهو يقرأ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها.
ومررت بسكّة أخرى، فإذا بغل قد عدا على رجل عليه طيلسان أخضر، يظنّه حزمة علف، فعدا الرجل وعدا خلفه البغل، فصحت بالرجل: اطرح الطيلسان! فلما طرحه وقف البغل يشمّه.
ومررت بسكّة أخرى، وإذا على المعلف بغل، وإذا هو يغنّي:
ولقد أبيت على الطّوى وأظّله ... حتّى أنال به كريم المأكل
ومما قالوا في شأن البريد وأصحابه، قول ابن أبي أميّة:
إنّ ابن شاهك قد ولّيته عملا ... أضحى وحقّك عنه وهو مشغول
بسكّة أحدثت ليست بشارعة ... من دونها غيضة في وسطها غيل «2»
ترى فرانقها في الرّكض مندفعا ... تجري خريطته والبغل مشكول «3»
وقال دعبل في بعض رجال العسكر، ممن كان ولي البريد:
ألا أبلغا عنّي الإمام رسالة ... رسالة ناء عن جنابك شاحط
بأنّ ابن زيد حين يسحج شاحج ... يمرّ على القرطاس أقلام غالط