قيل لشيخ ذي تجربة: ما أذهب ملك بني مروان؟ قال: ما زال ملكهم قائما حتى عميت عليهم الأخبار. وذلك أن نصر بن سيّار، كان صاحب خراسان، قبل خروج أبي مسلم وقوّة أمره، إلى أن قوي عليه حتى هرب منه. وذلك أنه، وإن كان واليا لأربعة خلفاء، فإنه كان مأمورا بمكاتبة صاحب العراق، وإن كان صاحب العراق لا يقدر على عزله، وقد كان يزيد ابن عمر يخاف أن يولّي مكانه نصر بن سيّار، أو مسور بن عمرو بن عباد، فاحتال لمسّور، ولم تمكنه الحيلة في نصر، فكان إذا كتب إليه بالرأي الذي يحسم به من أسباب قوّة المسوّدة، كتب بذلك إلى يزيد، فكان يزيد لا يرفع خبره ولا يمدّه بالرجال، طمعا في أن يهزم أو يقتل، ونسي يزيد أن غلبة أبي مسلم على خراسان، سبب لغلبته على الجبال، وإذا استحكم له ذلك، لم يكن له همّة إلا صاحب العراق. فلما طوى أخبار نصر سدّ وجه الرأي والتدبير على مروان، حتى كان الذي كان.