البغال (صفحة 34)

تقول: من قال لي زانية فهي زانية، من قال لي لصّة فهي لصة، من قال لي قوّادة فهي قوادة. هاتي الآن رحى لك!.

وأخبرني أبو الزّبير كاتب محمد بن حسّان-، قال: وقف الهيثم بن مطهّر الفأفاء على باب الخيزران «1» ينتظر رجلا يخرج من عندها، فبعث إليه عمر الكلوذانيّ: قد نهينا أن نجعل ظهور دوابّنا مجالس، فانزل عن ظهر دابّتك؛ فالأرض أحمل لثقلك. فقال للرسول: إني أنتظر رجلا قد حان خروجه، فبعث إليه: أن أنزل عن دابتك، فإذا خرج صاحبك فاركب والحق به. فقال للرسول: أعلمه أنّي أعرج، وأنا مع هذا رجل مثقل باللحم، ولا آمن أن يسبقني الرجل سبقا بعيدا، فلا ألحقه. فردّ الرسول، فقال: يقول لك: إن أنت نزلت، وإلّا أنزلناك صاغرا. فقال الهيثم: قل له: إن كنت إنّما تنظر للبغل، فهو حبيس في سبيل الله؛ إن أنزلتني عنه، إن أقضمته حبّة شعير شهرا، فسله الآن: أيّما أحبّ إليه: ركوبي له ساعة، أو حرمان الشعير شهرا! فلما جاءته الرسالة قال: ويلكم! هذا شيطان! دعوه في لعنة الله.

قال: ونظر إليه جعفر والفضل ابنا يحيى «2» ، وهو واقف في ظلّ قصر من قصور الشّمّاسيّة «3» ، فنظرا إلى شيخ عجيب الخلقة، وإذا تحته بغل أعجف، يكاد يسقط هزالا وضعفا؛ فقالا له: يا شيخ، لولا تعالج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015