عائشة» .
ومن بعد هذا، فأيّ رئيس قبيل من قبائل قريش كانت تبعث إليه عائشة- رضي الله عنها- رسولا فلا يسارع، أو تأمره فلا يطيع، حتى احتاجت أن تركب بنفسها؟ وأيّ شيء كان قبل الركوب من المراسلة والمراوضة والمدافعة والتقديم والتأخير، حتى اضطرّها الأمر إلى الرّكوب بنفسها؟ وإنّ شرّا يكون بين حيّين من أحياء قريش، تفاقم فيه الأمر، حتى احتاجت عائشة- رضي الله عنها- إلى الركوب فيه، لعظيم الخطر، مستفيض الذّكر؛ فمن هذا القبيلان؟ ومن أيّ ضرب كان هذا الشرّ؟ وفي أيّ شيء كان؟ وما سببه؟ ومن نطق من جميع رجالات قريش فعصوه وردّوا قوله، حتى احتاجت عائشة فيه إلى الركوب؟ ولقد ضربوا قواديم الجمل، فلما برك ومال الهودج صاح الفريقان: «أمّكم! أمّكم» .
فأمر عائشة أعظم، وشأنها أجلّ، عند من يعرف أقدار الرجال والنساء، من أن يجوّز مثل هذا الحديث المولّد، والشرّ المجهول، والقبيلتين اللتين لا تعرفان.
والحديث ليس له إسناد؛ وكيف وابن أبي عتيق شاهد بالمدينة، ولم يعلم بركوبها، ولا بهذا الشرّ المتفاقم بين هذين القبيلتين؟ ثم ركبت وحدها، ولو ركبت عائشة لما بقي مهاجريّ ولا أنصاريّ، ولا أمير ولا قاض إلّا ركب؟ فما ظنّك بالسّوقة والحشوة، وبالدّهماء والعامّة.
وما هو إلّا أن ولّد أبو مخنف «1» حديثا، أو الشّرقيّ بن