ودخل دار بلال بن أبي بردة، فرأى ثورا محللا، فقال: سبحان الله، ما افرهها من بغلة لولا أن حوافرها مشقوقة!.
وكثيرا ما تتناول الفكاهة الناحية الجنسية، ونلفي الجاحظ هنا يتنكب الحياء والإختشام ويسمي الأشياء بأسمائها عملا بمذهبه الطبيعي والتزاما بالواقعية فيورد مثلا النادرة التالية: «وتفاخر ناس يكبر الأيور، وشيبخ جالس لا يخوض معهم، فلما أكثروا قال الشيخ: لو كان كبر الأيور مجدا كان البغل من بني هاشم!» .
ويحتوي كتاب البغال على كمية كبيرة من الأشعار استشهد بها الجاحظ على المعلومات التي يحشدها حول البغل. لقد كان الشعر منهلا هاما من المناهل التي عبّ منها الجاحظ، فهو لا يورد فكرة أو يعالج موضوعا إلّا روى الأشعار التي تمت إليه بصلة قريبة أو بعيدة، ويمكن القول أنه روى لمعظم الشعراء العرب الذين عاصروه أو سبقوه ابتداء من العصر الجاهلي حتى القرن التاسع الميلادي، أمثال النابغة الجعدي ورؤية وأبي السمط والجماز وربيعة الرقي وأبي نواس والحكم ابن عبدل وحنظلة بن عبادة وأبي العتاهية وابن أبي أمية والوليد بن يزيد ابن عبد الملك والكميت وأيمن بن خريم الأسدي وعروة بن أذينة الليثي ويزيد بن معاوية ومحمد بن سيرين والنمر بن تولب وأبي دلامة وإبراهيم ابن داحة وغيرهم. وكثيرا ما يروي الشعر دون ذكر اسم صاحبه فيقول:
قال الشاعر، وقال آخر، وانشدني إبراهيم بن داحة لرجل ذهب عني اسمه، وقال بعض الشعراء وأنشد إبراهيم بن داحة لأبي الوزير المعلم كلمة لم أحفظ منها إلا هذه الأبيات.
إن غزارة الأشعار التي رواها الجاحظ في كتبه تجعل من تلك