قالت: بدائك مت أو عش تعالجه ... فما نرى لك فيما عندنا فرجا
قد كنت جرّعتني غيظا أعالجه ... وإن ترحني فقد عنّيتني حججا
فقلت: لا والّذي حجّ الحجيج له ... ما محّ حبّك من قلبي وما نهجا
وقال الآخر:
قفي يا ربّة البغل ... أخبّرك على رجل «1»
فبينا ذاك إذ نادى ... مناد غير ما ختل
فعجنا بامرىء ضخم ... على أهوج كالهقل «2»
وعجنا كلّ مسودّ ... وممسود القرا عبل «3»
إذا لم تك ذا رأي ... وذا قول وذا عقل
وقالت أختها الصّغرى ... رددناه إلى غفل
ترى الفتيان كالنّخل ... وما يدريك ما الدّخل
وليس الشّأن في الوصل ... ولكن يعرف الفضل
وحدّث مصعب الزّبيريّ عن بعض أشياخه، قال: إنّا لبالأبطح أيّام الموسم، إذ أقبل شيخ أبيض الرأس واللحية، على بغلة شهباء، وما ندري أهو أشدّ بياضا، أم بغلته، أم ثيابه، فاندفع يغنّي:
أسعديني بعبرة أسراب ... من دموع كثيرة التّسكاب
فارقوني وقد علمت يقينا ... ما لمن ذاق ميتة من إياب
ثم ضرب دابّته وذهب، فأدركناه، فإذا هو حنين النّخعيّ «4» ، وكان نصرانيّا مستهترا بالغناء.