(603) أخبرنا الفَقِيهُ أبو مَنصُور عبد القَاهِر بن طَاهِر، أخبرنا أبو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بنُ نُجَيْدٍ، أخبرنا أبو مُسْلِمٍ، حدثنا الأَنْصَارِيُّ (?)، عن هِشَام بن حَسَّان، قال: كُنَّا عند مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ، فقال له رجل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] حتى ختم الآية، قال: فَغَضِبَ مُحَمَّدٌ وقال: أين أنت من هذه الآية {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] قُم عَنِّي، اخْرُج عَنِّي، قال: فَأُخْرِج.

قال أبو سُلَيمان الخَطَّابِيُّ: القُرآنُ كُلُّه -في مَذَاهِب أَكْثَر أَهْلِ العِلْم- بِمَنْزِلَة الكلمة الوَاحِدة، وما تَقَدَّم نُزولُه وما تَأَخَّر في وجُوبِ العَمَل به سَواءٌ، ما لم يَقَع بين الأول والآخر مُنَافَاة، ولو جُمِعَ بين قَولِه جَلَّ وعَزَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}، وأُلْحِقَ به قوله: {لِمَنْ يَشَاءُ} لم يَكُن مُتَنَاقِضًا، فَشَرطُ المَشِيئَة قَائِمٌ في الذُّنُوبِ كُلِّها ما عَدَا الشِّرك، وأيضًا فإن قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} يُحْتَمَل أَن يَكونَ مَعنَاهُ {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} إِنْ جَازَاه الله -تعالى- ولَم يَعْف عَنه، والآيةُ الأولى خَبَرٌ لا يَقَعُ فِيه الخُلْفُ، والآيَةُ الأُخْرَى وَعِيدٌ يُرْجَى فِيه العَفْو. والله أعلم (?).

(604) أخبرنا أبو سَعْدٍ المَالِينِيُّ، أخبرنا أبو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ (?)، قال: سمعتُ عُمَرَ بنَ مُحمد الوَكِيل، يقول: حدثنا معاذُ بنُ المُثَنَّى، حدثنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015