فإن معاذ بن جبل قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ، المؤمن لدى الحق أسير؛ يا معاذ، إن المؤمن من لا يسكن من روعته، ولا يأمن من اضطرابه، حتى يخلف جسر جهنم وراء ظهره؛ يا معاذ، إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته، فالقرآن دليله، والخوف محجته، والشوق مطيته. والصلاة كهفه، والصوم جنته، والصدقة فكاكه. والصدق أميره. والحياء وزيره؛ يا معاذ، إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأنهي لك ما أنهى إلي خليلي جبريل عليه السلام؛ يا معاذ، المؤمن يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه، حتى عن كحل عينيه، وفتات الطين بإصبعيه، فلا ألفين يوم القيامة واحداً أسعد بما آتاه الله منك؛ روي هذا الحديث أبو حاتم الرازي عن أحمد بن أبي الحواري.

وامقت الدنيا مقتا، ولا يقنطنك من الله تعالى بعض ما يضيق عليك من رزقك، ويخيب من آملك، ويفوت من مرادك، فإنك عند السعة مطالب بشكر أثقل من الضيق عند الضيق، ممتحن بصبر تحمله أيسر من اليسر، والقائل يقول: الوافر

فلا تجزع وإن أعسرت يوماً ... فقد أيسرت في الزمن الطويل

ولا تيأس فإن اليأس كفر ... لعل الله يغني عن قليل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015