علامة، قال: كتب لي عهدي على قضاء أصبهان، فتجهزت إليها قاصداً، فلما دانيت المدينة جمعت سوادي في عيبة كانت على الحمار، ولففت رأسي بالفوطة، وتلثمت متنكراً، وخرج العدول مستقبلين، وكانت الشهادة في الدهاقين وأرباب السياسة؛ وأنسلخت من القافلة مقدماً، فسألوني عن القاضي فقلت: إنه قد دخل البلد، فرجعوا يتراطنون بينهم؛ ثم إني وافيت البلد فدخلت المسجد الجامع ولبست السواد وجلست، فما عني بي أحد ولا عاج علي إنسان ولا عرف أحد مكاني، وكان ذلك عن مؤامرة جرت بينهم لكراهية نالت قلوبهم مني بتنكري عليهم. فلما رأيت راسلت صديقاً لي حتى أكترى لي مثوى وثبت الشهود على التقاعد، وأشرفت على الأستيحاش والأنصراف؛ ثم إني تداركت الأمر وقلت للصديق: صف لي قوماً مستورين وحلهم وأحص أسماءهم وأذكر صنائعهم، وأجعل جل ذلك في التجار، ففعل ذلك كله. وكان المحلون عشرين نفساً، فأختلفت إلى مساجدهم ومشاهدهم ومساكنهم، متصفحاً لأحوالهم ومتتبعاً لأمورهم ومتقصياً لآثارهم ومستشفاً لأخبارهم، حتى وضح لي أمر ثمانية عشر نفساً، ثم عدت إلى مجلس الحكم، فتقدم خصمان فثبت الحكم بينهما بشهادة أولئك؛ فلما بلغ العدول ذلك أضجرهم وأقلقهم، فجاءوا