سمعتموها، فعلام قلّدناكم أزمّة أمورنا، وحكّمناكم في دمائنا وأموالنا وأدياننا؟ وما تعلمون أنّ فينا من هو أفصح بصنوف اللغات، وأعرف بوجوه الكلام منكم، فتحلحلوا لهم عنها، وإّلا فأطلقوا عقالها، وخلّوا سبيلها، يبتدر إليها من شردتموهم في البلاد، وقتلتموهم في كلّ واد؛ وأما لئن ثبتت في أيديكم لاستيفاء المدة، وبلوغ الغاية، وعظم المحنة، إنّ لكلّ قائمٍ يوماً لا يعدوه، وكتاباً يتلوه " لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إّلا أحصاها " " وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون ". هكذا وجدت بخطّ السيرافي، وما رأيت له إسناداً.
ولقد ملكني العجب بهذا الكلام، فإني ما سمعت أحسن موقعاً منه. والذي يزيد في التعجب قيام هذا الرجل إلى ذلك العفريت بهذا الكلام الذي ينفذ منفذ السهم ويعمل عمل السمّ، سبحان الله ما كان أبلّ ريقه، وأجلح وجهه، وأقوى منته، وأصدق نيّته، وأقتل مرّته؛ وما تكاد ترى مثل هذا في زمانك، أي والله ولا من دونه ولا من يحكي هذا القول بعينه. لقد خسّ حظّ الأديب، وخوى نجم الأدب، وانثلم ركن الدين، وخاس عهد