ونتقابل، وعلى مقداره نفصل ونعدل، وبهدايته نرشد ونكمل، فأما أن يكون العقل حكماً بيننا وبين الله تعالى: ما أجازه الله حسن فعله وما أباه قبح فعله، فهذا ما لا يكون. كيف يكون هذا وهو إلهٌ من قبل العقل والعاقل والمعقول، وإنما أبدع هذه كلّها داعيةً إليه لا معترضةً عليه، وواصلةً به لا قاطعةً عنه، ودالةً على قدرته لا مضلّةً عن حكمته، ومتيقّنةً لما بان لا شاكّةً فيما أشكل. وما أحسن ما قاله أبو زيد البلخي، قال: العقل آلةٌ أعطيناها لإقامة العبودية لا لإدراك الرّبوبية، فمن طلب بآلة العبودية حقيقة الرّبوبية فاتته العبودية ولم يحظ بالرّبوبية.

أين يذهب بهؤلاء القوم؟ أما يعلمون أنه كما يرد على العين ما يغشى بصرها من نور الشمس، كذلك يرد على العقل ما يغشى بصيرته من نور القدس؟ ما أحوج هؤلاء المدلّين بعقولهم، الرّاضين عن أنفسهم، العاشقين لآرائهم، أن ينعموا النّظر، ويطيلوا الفكر، ولا يسترسلوا مع السانح الأوّل، ولا يسكنوا إلى اللفظ المتأوّل، ولا يعوّلوا على غير معوّل.

وأنت - حفظك الله - لو أردت أن تقف على أسرار ملك زمانك، وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015