إلى ذلك ولو بلغ شطر ملكي، فطلبوا إليه فأبى فقال: ما أحكم إلا بضربة في رقبته، فلما رأى الملك ما عزم عليه القصار قعد له مجلساً عاماً، وأحضر القصار فأبدى مدقته فضرب بها عنق الملك ضربة وخر الملك مغشياً عليه، فأقام وقيذاً ستة أشهر، وبلغت به العلة حداً كان يجرع فيها الماء بالقطن؛ فلما أفاق وتكلم وطعم وشرب سأل عن القصار، فقيل له إنه محبوس، فأمر بإحضاره وقال: قد بقيت لك خصلة فاحكم فإني قاتلك لا محالة، فقال القصار: فإذا كان لا بد من قتلي فإني أحكم أن أضرب الجانب الآخر من رقبة الملك ضربة أخرى، فلما سمع بذلك الملك خر على وجهه من الجزع فقال: ذهبت والله إذن نفسي، ثم قال للقصار: ويلك دع عنك ما لا ينفعك فإنه لا ينفعك ما مضى، فاحكم بغيره أنفذه لك كائناً ما كان، قال: ما أحكم إلا في ضربة أخرى، فقال الملك لوزرائه: ما ترون؟ قالوا: هذه السنة، قال: ويلكم، إنه والله إن ضرب الجانب الآخر لم أشرب البارد أبداً، لأني أعلم ما قد مر بي، قالوا: فما عندنا حيلة، فلما رأى ذلك قال القصار: أخبرني، ألم أكن سمعتك تقول يوم جاء بك الشرط إنك سجدت وإنهم كذبوا عليك؟ قال: قد كنت قلت ذلك فلم أصدق، قال: فكنت قد سجدت؟ قال: نعم، فوثب من مجلسه وقبل رأسه وقال: أشهد أنك أصدق من أولئك وأنهم كذبوا عليك، فانصرف راشداً، فحمل كارته ومضى.
فضحك المهدي حتى فحص برجليه وقال: أحسنت والله، ووصله وبره
قال يونس بن عبد الأعلى: قدم على الليث بن سعد منصور بن