وهو كالقرحة المنبجسة، وكان عتبة قليل الكلام، فنظر ابن عباس إلى عتبة يحد النظر إليه ويقل الكلام معه، فقال: يا أبا الوليد، ما بالك تحد النظر إلي وتقل الكلام معي؟ ألعقلة طالت أم لموجدة دامت؟ فقال عتبة: أما قلة كلامي معك فلقلته مع غيرك، وأما كثرة نظري إليك فلما أرى من أثر سبوغ النعمة عليك، ولئن سلطت الحق على نفسك لتعلمن أنه لا يعرض عنك إلا مبغض، ولا ينظر إليك إلا محب، ولئن كان هذا الكلام شفى منك داء، وأظهر منك مكتوماً، فما أحب غيره؛ فقال ابن عباس: أمهيت يا أبا الوليد، - يقال أمهيت الحديدة إذا حددتها - أي بلغت الغاية في الغدر، ولو كنت على يقين مما ظننت بك لكفاني، أو لأرضاني دون ما سمعت منك، فتبسم معاوية ثم قال: الرجز
دعوت عركاً ودعاً عراكا ... جندلتان اصطكتا اصطكاكا
من ينك العير ينك نياكا
لا تدخلوا بين بني عبد مناف، فإن الحلم لهم حاجز، والداخل بينهم عاجز، وإن فطنة ابن عباس مقرونة بعلمه، ثم تمثل: الطويل
سمين قريش مانع منك شحمه ... وغث قريش حيث كان سمين
قال ابن عائشة، قال عمرو بن عبيد: تعريف الجاهل أيسر من تغيير المنكر.
قال بعض الموالي لعمرو بن عتبة: يا مولاي، أعتقني أعتقك الله من النار، فقال له: يا بني، إنك لم تخرف، أي لم تدرك - يقال: