فرد علي التحية، فقلت: ممن الشيخ؟ قال: من بني ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، قلت: فما الاسم؟ قال: خميصة بن قارب. ثم قال: أعرابي أنت؟ قلت: نعم، قال: من أية؟ قلت: من أهل البصرة، قال: فإلى من تعتزي؟ قلت: إلى قيس عيلان، قال: لأيهم؟ قلت: أحد بني بغيض، وأنا أقلب ألواحاً معي، قال: ما هذه الخشبات المقرونات؟ قلت: أكتب فيهن ما اسمع من كلامكم، قال: وإنكم مخلون إلى ذلك؟ قلت: نعم وأي خلة، فصمت ملياً ثم قال في وصف قومه: كانوا كالصخرة الصلدة تنبو عن صفحتها المعاول، ثم زحمها الدهر بمنكبه فصدعها صدع الزجاجة ما لها من جابر، فأصبحوا شذر مذر، أيادي سبا، ورب قوم - والله - عارم قد أحسنوا تأديبه، ودهر غاشم قد قوموا صعره، ومال صامت قد شتتوا تألفه، وخطة بوس قد حسمها أسوهم، وحرب عبوس ضاحكتها أسنتهم، أما والله يا أخا قيس لقد كانت كهولهم جحاجح، وشبانهم مراجح، ونائلهم مسفوح، وسائلهم ممنوح، وجنابهم ربيع، وجارهم منيع. فنهضت لأنصرف فأخذ بمجامع ذيلي فقال: اجلس لقد أخبرتك عن قومي حتى أخبرك عن قومك، فقلت في نفسي: إنا لله، سينشد في قيس والله وصمة تبقى على الدهر، فقلت: حسبك، لا حاجة بي إلى ذكرك قومي، قال لي: بلى والله، هم هضبة ململمة، العز أركانها، والمجد أغصانها، تمكنت في الحسب العد، تمكن الأصابع في اليد؛ فقمت مسرعا مخافة أن يفسد علي ما سمعت.

قال أبو عطاء مولى عتبة: قدم علينا ابن عباس سنة إحدى وأربعين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015