وفيها قتل الحَجّاجُ سعيد بن جُبَير (?)، وذلك أنه أُتي به إليه وهو مقيَّد والحَجّاج راكب، قال له: أنت الشقيّ بن كُسَيْر (?)، أما قدِمتَ الكوفة، وقالوا: لا يؤمُّنا (?) إلّا عربيّ؟ (قال: بلى. قال: أما وليتك القضاء فضجّ أهل الكوفة؟) (?) وقالوا. لا يلي قضاؤنا (?) إلا عربيّ، فاستقصيت أبا بُردة وامرأته ألّا يقطع أمرًا دونك. قال: بلى. قال: فما أعطيتك ألف ألف تفرّقها على أهل الحاجة ولم أسألك (?) عن شيءٍ منها؟ قال: بلى. قال: فما أخرجك عليّ؟ قال: بيعة كانت لابن الأشعث في عنقي من قبل. قال: أفما كان في عنقك بيعة لأمير المؤمنين عبد الملك بنقض بيعتي، وتبقي بيعة الحائك بن الحائك، واللهِ لأقتلنّك، اختَرْ أي قتْلةٍ شئت. قال له سعيد: بل أنت اختَر لنفسك، فإنّ القصاص أمامك. ثم قال: يعفُ الأمير عنّي. قال: لا عفى (?) الله عنّي إن عفوت عنك. قال: فضحك سعيد، فقال له: يا سعيد سمعت أنك ما ضحكت قط، فما أضحكك؟ قال: عجبت من صُنع الله فيك. فقال: يا حَرَسيّ اضربا عُنقه، فضربه السيّاف ضربة واحدة، فوقع على الأرض وتَشَاهد ثلاث مرّات، فقال في الآخرة: أشهد أن لا إله إلا الله، خفيًّا، فزعق (?) الحجّاج من فوق رأسه وقال: فردونا، فظنّوا/ 62/ أنه يقول: قيودنا، فقطعوا رِجليه وأخذوا القيود.
وقيل: إنه من ذلك اليوم ما عاد يركب، وبقي أربعين يومًا يراه في النوم وهو يراه ماسكًا بجامعة ثيابه وهو يقول: على مَ قتلتني يا فاسق؟ فينتبه مرعوبًا ويقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟
وقيل: إنه رؤي (?) بعد موته في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: قتلني بكل قتلة قتلة واحدة وقتلني، وبسعيد بن جبير ماية ألف قتلة (?).