إنّ من يطالع الكتاب ويقرأ ما جاء عن مدينة الموصل من أخبار، أكثرها يكاد يكون نادرًا، يظن أن المؤلف عراقيّ من أهل الموصل (?)، ومن يقرأ أخبار حلب يظنّ أنّ المؤلّف حلبيّ، ومن يقرأ أخبار مصر يظن أنه مصريّ، لتفرُّده بأخبار عنها لم يذكرها غيره، ولعلّه تنقل بين العراق وبلاد الشام ومصر، والأرجح أنه إمّا من الشام أو من العراق، لاعتماده الأسماء السريانية للشهور، مثل "حزيران" و"تمّوز" وغيره، فلو كان مصرّيًا لاعتمد الشهور اليونانية أو القبطية. وليس في الكتاب سوى إشارتين عن لسان المؤلف، دون الإفصاح عن اسمه، الأولى في المقدّمة، حيث يقول: "فإنه سألني من يعزّ عليّ أن أنظم له تاريخًا مختصرًا ليستريح به إليه في خلوته، وينشرح صدره بمطالعته، فأجبته إلى ذلك واعتمدت على الإعانة من الله تعالى والقبول له. . ". والموضع الثاني، أثناء حوادث سنة 579 هـ. عند الحديث عن عثور خبايا مطمورة في ضيعة بوصِير السّدْر من أعمال مصر القديمة (?).
كما يُبْدِي المؤلف رأيه مرّتين في ثنايا الكتاب، فهو يرى "فساد التواريخ لتقادُم زمنها وتغيُّر الألسِنَة" (?)، و "إنّ المطالب مدائن وقرى يغطّيها الرمل والتراب، ويكون فيها خبايا وغيرها، فتوجد بعد حينِ من الدهر، فيُقال: ضبطنا مطالب. وكذلك الكيمياء، إنّما هي زَغَل، وعند جميع أهل العلم: إن الذَهَب والفضّة معادن" (?).
ويبدو أنه كان يميل إلى الأدب، ولكنّه لم يَنْظم الشِعر، أو على الأقلّ، لم نر له شِعرًا في الكتاب، إتما هو يستشهد بأقوال بعضهم، كما في حوادث سنة 579 هـ (?). وحوادث سنة 590 هـ (?).
يعتمد المؤلّف على عدّة مصادر في جمع مادّة الكتاب، ومع ذلك فهو لا يصرّح إلّا بالنقل عن "تاريخ الرسل والملوك" المعروف بتاريخ الطبري (?)، و"بعض تواريخ أهل التوراة" (?)، و "تاريخ زبدة الفكرة" الذي كتبه "الحسن الثوري" حسب قوله (?).