إلا أنه لا يتوصل إلى استخراج الحقوق من اللصوص وأشباههم إلا بمثل هذه الحال، ولو طلب في ذلك البينة من العدول المرضيين، أو أخبار المستوردين من المجاورين ما تهيأ استخراج سرقة أبداً، فليس في هذه الأحكام الثلاثة، إذا خرج كل واحد منها من معدنه وجرى على ترتيب ما وضع له ما ينسب إلى ظلم وجور، ولكن إن اختلفت مواقعها ومخارجها فقضى القاضي بالكشف والمسألة، وقضى صاحب المظالم بالظن والتهمة، وقضى صاحب الشرطة بالعدول والبينة، نسب كل واحد منهم إلى الجور لعدوله عما توجبه رتبته، وخروجه عن الرسم الذي رسم له، وكما لا يستغني بواحد من هؤلاء الحكام الثلاثة عن باقيهم، فكذلك لا يستغني في استخراج بواطن العلوم بواحد من هذه الوجوه التي ذكرناها عن سائرها، وهذا فيما أوردنا ذكره من الاعتبار مقنع إن شاء الله.