والفرائض والأمر والنهي والحظر والإباحة، وأولى المعرفة بدقائق الأحكام وأصول الحلال ولا حرام، والعلم بما توجبه أقسام الكلام، وينتخب ممن هذا وصفه من هو معروف بالستر والصيانة، والعدل والديانة، فيذكره لسلطانه، ويشير عليه باستكفائه الحكم بين رعيته، ثم يعهد إليه من السلطان بألا يحتج عن الناس، وأن يكون مجلسه متوسطاً لمصره، وأن يعدل بين الخصمين إذا حضراه في نظره إليهما، وخطابه لهما في مجلسهما، ولا يقلقن أحدهما حجته، وألا يفتى في علمه، وأن يتجنب القضاء في الأوقات التي يتغير فيها طبعه بغضب أو هوى أو جوع أو عطش أو نعاس أو شبق، وألا يعجل الحكم في الشيء حتى يتبين الحق فيه، فإذا أتاه ما يتشبه الحكم فيه عليه، شاور الفقهاء فيه، وأخذ بآرائهم، ولم يستغن برأيه عنهم، وإن لم يجد عندهم في ذلك ما يقنعه، ويليق بالحق والصواب عنده أنهاه إلى السلطان، وأخذ فيه برأيه، وإن جعل في العهد آيات من كتاب الله - عز وجل - في الأمر بالعدل، والزجر عن الجور كان ذلك أحسن وأوكد إن شاء الله. ثم ينبغي أن يعلم الحكام منه شدة في ذات الله عز وجل، وحرصاً على إقامة الحق، وإنصاف المظلوم، وظلفاً عن أموال الناس، وأن يوقر في نفوسهم أن المحمود منهم عنده من ظهرت عفته، وطابت طعمته، وحسنت سيرته، وثبتت أمانته ونزاهته، وبرئ من معاملة الهوى، وترك الرشى ثم إن ظهر أن أحداً من حكامه على طبقاتهم التي صنفناها من القضاء وأصحاب المظالم، وكتاب الدواوين، وأصحاب الشرط جار حكم، أو مال مع خصم، أو خرج مما جعل إليه، أو تعداه إلى غيره نكل به وجعله أدباً لغيره، وعظة لمن بعده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015