كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} والكتاب خمسة: كاتب خط، وكاتب عقد، وكاتب حكم، وكاتب تدبير؛ [وكاتب لفظ] ولكل واحد من هؤلاء مذهب من الكتابة يخالف مذهب غيره، ونحن نذكر منها ما يحضرنا ذكره.
كاتب الخط:
أما كاتب الخط فإنه إما أن يكون وراقاً أو محرراً، وهما موصوفان ينقل الألفاظ وتصورها، ويحتاجان إلى أن يجمعا مع حلاوة الخط وقوته وسواد المداد وجودته، وتفقد القلم وإصلاح قطته، إلى جودة التقدير والعلم بمواقع الفصول، وأن يعرفا من النحو المقصور والممدود والمؤنث والمذكر، وحكم الهجاء مايسلمان معه من اللحن والخطأ، ثم يحتاج المحرر إلى إطالة سن قلمه، فإنه أصفى لكتابته، وأن يعفي قلمه فلا يلح على شحمه لأن ذلك أقوى لخطه، وكذلك سائر ما يكتب بالمداد. فأما ما يكتب بالحبر فيخاف على الشحم فيه ليقل ما يحمل من الخبر، ويحتاج الوراق إلى تحنيف قطة قلمة، والمحرر إلى أن يجعلها بين التحنيف والاستواء، فإن ذلك أحسن لخطه، وكلما كان اعتماد الكاتب وراقاً كان أو محرراً على سن قلمه الأيمن كان أقوى لخطه، وأبهى بخطه، ويختار الوراق ألا يكتب في الجلود والرق بالحبر المثلث، فإنه قليل الليث فيهما سريع التفرك منهما، وأن يكتب فيهما بالحبر المطبوخ، وفي الورق بما أحب، ويختار المحرر أن يكتب عن السلطان في أنصاف الطوامير وفي الأدراج المنصورية العريضة، وعن نفسه وعن سائر الناس فيما