فلا يفوتك الصمت، واستشعر ما وصى به أكثم بن صيفي بعض ولده فإنه قال له: "ومن الجمال والمروءة أن تكون عالماً كجاهل، وناطقاً؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ، والعلم مرشده والصمت محمدة، وفضل القول على العمل لؤم، وفضل العمل على القول كرم، ولم يلزم الكذب شيئاً إلا غلب، والانقباض عن الناس مكسبة لعدوانهم، والتقرب منهم مجلبة لقريبن السوء، فكن من الناس بين المنقبض والمشترك، فإن خير الأمور أوساطها، ومن لم يكن له من نفسه واعظ تمكن منه عدوه على شر فعله، ولا ينبغي أن يمنعه حذر المراء من حسن المجادلة، ولا خوف العي من استعمال الصمت في وقته، وليعلم أن الرجل قد يكون زميتاً فيحمله الحرص على أن يقال لسن، والخوف من أن يقال عي على أن يتكلم في غير موضعه، فيصير ما هرب منه خيراً مما أقع نفسه فيه وليعلم أن من عاب للناس وذكر مساوئهم جمع مع الإثم في الغيبة التي نهى الله عنها الاستهداف لعيبهم، والتعرض لشر قولهم وقد قال الشاعر:
(ومن دَعَا الناسَ إلى ذَمِّه ... ذَمُّوه بالحقِّ وبالباطِلِ)
(مقَالةُ السُّوء إلى أهلها .. أسرَعُ من مُنْحدِرِ سائلِ)