يوسف, {إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ} , واتفقت آراؤهم (?) على أن يلقوا يوسف في غيابة الجب. وذلك كان مكرهم الذي قال جلَّ ثناؤُه: {وَهُمْ يَمْكُرُونَ} نحو ما روي عن قتادة وابن إسحاق (?).
وقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} أي: وما أكثر مشركي قومك يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك, ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك, {بِمُؤْمِنِينَ} أي: بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك (?) , وقد تضمنت الآيات البيان عما يوجبه الاجتماع مع المحبوب من إيواء السرور والتبشير بالأمن من الخوف, والبيان عما يوجبه الأعظم لمن له حق الأبوة برفع مجلسه لإكرامه بما يجب له من تجديد النعمة لمن هو أهل لها بتأويل الرؤيا التي بشر بها, والبيان عما يوجبه حال الشاكر من الاعتراف بالنعمة والاعتداد بها على تفضيلها وجلالة موقعها, والبيان عما يوجبه الإعلام بما يحتاج إليه في الدين من التذكير به وموقع النعمة فيه وجلالة صاحبه بما ألقي إليه وخص به, والبيان عما يوجبه حال أكثر الناس من العدول عن الحق إلى الباطل جهلا منهم بمنزلة ما صنعوا وسوء عاقبة ما أخذوا بما فيه تسلية الداعي إلى الحق وتخفيف المحنة عليه.