نريد أن تدعوا الله لنا, فإذا جاءك الوحي من عند الله بأنه قد عفا عنا صنيعنا، قرّت أعيننا، واطمأنت قلوبنا, وإلا فلا قُرّةَ عَين في الدنيا لنا أبدًا. قال: فقام الشيخ فاستقبل القبلة, وقام يوسف خلف أبيه, وقاموا خلفهما أذلةً خاشعين. قال: فدعا وأمَّن يوسف, فلم يُجَبْ فيهم عشرين سنة حتى إذا كان رأس العشرين، نزل جبريل-صلى الله عليه وسلم- على يعقوب- عليه السلام, فقال: إن الله بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك, وأنه قد عفا عما صنعوا, وأنه قد أعقبك مواثيقهم (?) من بعدك على النبوّة (?) وذكر أن يعقوب توفي قبل يوسف, وأوصى إلى يوسف وأمره أن يدفنه عند قبر أبيه إسحاق (?).
وقولُهُ: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} يقول تعالى: هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته من أخبار الغيب الذي لم تشاهده ولم تعاينه، ولكنا {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} ونعرّفكه, {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} (?)، ونشجع به قلبك, فتصبر على ما نالك من الأمر من قومك في ذات الله, وتعلم أن من قبلك من رسل الله، إذ صبروا على ما نالهم فيه, وأخذوا بالعفو, وأمروا بالمعروف, وأعرضوا عن الجاهلين، فازوا بالظفر, وأُيِّدوا بالنصر, ومُكِّنوا في البلاد, يقول الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فبهم يا محمد، فتأسَّ, وآثارهم فقُصَّ ما كنت عند إخوة