الآخر ذهب غضبه, فمرّ الغلام إلى جنبه فمسَّه, فذهب غضبه, فقال روبيل: مَنْ هذا؟ إن في هذا البلد لبَزْرًا من بَزْر يعقوب! فقال يوسف: من يعقوب؟ فغضب روبيل فقال: يا أيها الملك لا تذكر يعقوب, فإنه سَرِيُّ الله ابن ذبيح الله, ابن خليل الرحمن, قال يوسف: أنت إذًا إن كنت صادقًا (?).
وقوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} أي: قال إخوة يوسف ليوسف: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ} ياأيها الملك {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} كلنا نحبه, فخذ واحدًا منّا بدلا منه, وخلِّ عنه {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} يقولون: في أفعالك قال ابن إسحاق: أي نرى ذلك منك إحسانا إن فعلت (?). وقوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَاخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} أي: قال يوسف لإخوته أعوذ بالله أن نأخذ بريئًا بسقيم أي: أستجير بالله أن أفعل ذلك. وقولُهُ: {إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ} يقول: إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده {إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ} أي: لنفعل ما ليس لنا فعله ونجور على الناس (?)، وروي عن أسباط قَالُوا: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا} الآية قال يوسف: إذا أتيتم أباكم فأقرئوه مني السلام، وقولوا له: إن ملك مصر يدعوا (?) لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف، حتى تعلمَ أنّ في أرض مصر صدِّيقين مثلَه (?). وقد تضمنت الآيات البيان عما يوجبه التدبير لأخذ الشيء بظاهر جميل مع باطن حق يخفى السبب فيه فلا يظهر لمتأمليه من بلوغ المراد على طريق العدل والإنصاف بما وقع من الإقرار بما هو حق الجزاء, والبيان عما توجبه السرقة من العار بها وتمثيل صاحبها بمن هو من أهلها عيب لربها, والبيان عما يوجبه الدعاء إلى الخطأ المطلوب من التذكير بالإحسان الذي يدعوا إلى المظاهرة فيه على من أنعم