أَمَاوِيَّ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بهَا الصَّدْرُ (?)

يريد: وضاق بالنفس الصدر، وكنى بها ولم يجر لها ذكر, إن كان في قوله: "إذا حشرَجَت يومًا" دلالة لسامع كلامه على مراده بقوله: "وضاق بها" ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (?) فقال: {مِنْ بَعْدِهَا} ولم يجر قبل ذلك ذكر لاسم مؤنث وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} والله أعلم بما تكذبون (?)

فيما تصفون به أخاه بنيامين, وذكر أن الصّواع لما وُجد في رحل أخي يوسف تلاوَمَ القوم بينهم, قال السدي: لما استخرجت السرقة من رحل الغلام انقطعت ظهورهم, فقالوا: يا بني يامين, ما يزال لنا منكم بلاء‍! متى أخذت هذا الصواع؟ فقال ابن يامين: بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منهم بلاء, ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية! وضَع هذا الصواع في رحلي، الذي وضع الدراهم في رحالكم! فقالوا: لا تذكر الدراهم فنؤخذ بها! فلما دخلوا على يوسف دعا بالصاع فنقرَ فيه، فأدناه من أذنه، ثم قال: إن صواعى هذا ليخبرني أنكم كنتم اثنى عشر رجلا وأنكم انطلقتم بأخٍ لكم فبعتموه, فلما سمعها ابن يامين، قام فسجد ليوسف, ثم قال: أيها الملك, سل صواعك هذا أخي، أحيٌّ هو؟ فنقره، ثم قال، هو حيٌّ, وسوف تراه, قال: فاصنع بي ما شئت, فإنه إن علم بي فسوف يستنقذني, قال: فدخل يوسف فبكى, ثم توضَّأ, ثم خرج فقال ابن يامين: أيها الملك إني أريد أن تضرب صُواعك هذا فيخبرك بالحقّ، فسله من الذي سرقه فجعله في رحلي؟ فنقره فقال: إن صواعي هذا غضبان, وهو يقول: كيف تسألني عن صاحبي, وقد رأيتَ مع من كنت؟ قال: وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقُوا, فغضب روبيل, وقال: أيها الملك, والله لتتركنا أو لأصيحنَّ صيحة لا يبقى بمصر امرأةٌ حامل إلا ألقت ما في بطنها! وقامت كل شعرة في جسد رُوبيل, فخرجت من ثيابه, فقال يوسف لابنه: قم إلى جنب روبيل فمسَّه. وكان بنو يعقوب إذا غضب أحدهم مسَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015