قال السدي (?): فأرسله معهم فأخرجوه وبه عليهم كرامة, فلما برزوا إلى البرية أظهروا له العداوة, وجعل أخوه يضربه فيستغيث بالآخر فيضربه فجعل لا يرى منهم رحيما فضربوه حتى كادوا يقتلونه, فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه يا يعقوب لو تعلم ما صنع بابنك بَنُو الْإِمَاء, فلما كادوا يقتلونه قال يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقا ألا تقتلوه؟ (?) فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه فيه, فجعلوا يدلونه في البئر, فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه, ونزعوا قميصه, فقال: يا إخوتاه ردوا علي قميصي لأتوارى به في الجب! فقالوا ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا تؤنسك! قال: إني لم أر شيئا, فدلوه في البئر, حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت. وكان في البئر ماء فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة فيها فقام عليها. قال: فلما ألقوه في البئر، جعل يبكي، فنادوه، فظن أنها رحمة أدركتهم، فلباهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه، فقام يهوذا فمنعهم، وقال: قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه! وكان يهوذا يأتيه بالطعام (?).
وقولُهُ: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} الآية قيل: جواب لمّا محذوف, والتقدير: عظمت فتنتهم أو كبر ما قصدوا له, وحذف ذلك للعلم به ودلالة هيئة الخطاب عليه. وقيل: ليس في الكلام حذف, ولكن الواو زائدة (?)، والتقدير: فلما ذهبوا به أجمعوا أن يجعلوه في