وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إِظْهَارِ الْعَامِلِ فِي الْبَدَلِ إِذَا كَانَ حَرْفَ جَرٍّ كَالْآيَاتِ السَّابِقَةِ فَإِنْ كَانَ رَافِعًا أَوْ نَاصِبًا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمُجَوِّزُونَ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ. أمدكم} يجوز أَنْ يَكُونَ {أَمَدَّكُمُ} الثَّانِي بَدَلًا مَنْ {أَمَدَّكُمْ} الْأَوَّلِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ إِبْدَالِ الْجُمْلَةِ مِنَ الْجُمْلَةِ وَتَكُونُ الثَّانِيَةُ صِلَةَ " الَّذِي " كَالْأُولَى وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ شَارِحَةً لِلْأُولَى كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُ رَأْسَ زَيْدٍ قَذَفْتُهُ بِالْحَجَرِ ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ} أبدل قوله: {اتبعوا من لا يسألكم} من قوله: {اتبعوا المرسلين} لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَلَطُّفًا فِي اقْتِضَاءِ اتِّبَاعِهِمْ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ له العذاب} فَـ {يَلْقَ} مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْأَلِفِ لِأَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ ثُمَّ أُبْدِلَ مِنْهُ {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} فبين بها الأثام ما هو
تقسيم البدل باعتبار آخر
وَيَنْقَسِمُ الْبَدَلُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إِلَى بَدَلِ مُفْرَدٍ مِنْ مُفْرَدٍ وَجُمْلَةٍ مِنْ جُمْلَةٍ وَقَدْ سَبَقَا وَجُمْلَةٍ مِنْ مُفْرَدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَمَثَلِ آدَمَ خلقه من تراب} وَقَوْلِهِ: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} وَجَازَ إِسْنَادُ {يُقَالُ} إِلَى مَا عَمِلَتْ فِيهِ كَمَا جَازَ إِسْنَادُ {قِيلَ} فِي {وَإِذَا قِيلَ إن وعد الله حق} وَمِنْ إِبْدَالِ الْجُمْلَةِ مِنَ الْمُفْرَدِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا