قَدْ يُكَرَّرُ عَامِلُهُ إِذَا كَانَ حَرْفَ جَرٍّ كَقَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} فَـ {طَلْعِهَا} بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنَ {النَّخْلِ} وَكَرَّرَ الْعَامِلَ فِيهِ وَهُوَ "مِنْ"
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لمن آمن منهم} {لِمَنْ آمَنَ} بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ مِنَ {الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَقَدْ كَرَّرَ اللَّامَ
وَقَوْلِهِ: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سقفا من فضة} فَقَوْلُهُ {لِبُيُوتِهِمْ} بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ: {لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ} وَجَعَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ اللَّامَ الْأُولَى لِلْمِلْكِ وَالثَّانِيَةَ لِلِاخْتِصَاصِ فَعَلَى هَذَا يَمْتَنِعُ الْبَدَلُ لِاخْتِلَافِ مَعْنَى الْحَرْفَيْنِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَكُونُ لَنَا عيدا لأولنا وآخرنا} فَـ {لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي {لَنَا} وَقَدْ أُعِيدَ مَعَهُ الْعَامِلُ مَقْصُودًا بِهِ التَّفْصِيلُ
وَمِنْهُ قِرَاءَةُ يَعْقُوبَ: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها} قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: جَازَ إِبْدَالُ الثَّانِيَةِ مِنَ الْأُولَى لِأَنَّ فِي الثَّانِيَةِ ذِكْرُ سَبَبِ الْجُثُوِّ
قِيلَ: وَلَمْ يَظْهَرْ عَامِلُ الْبَدَلِ إِذَا كَانَ حَرْفَ جَرٍّ إِيذَانًا بِافْتِقَارِ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ فإن حروف الجر مفتقرة ولم يظهروا الفعل إذا لَوْ أَظْهَرُوهُ لَانْقَطَعَ الثَّانِي عَنِ الْأَوَّلِ بِالْكُلِّيَّةِ لَأَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الْفِعْلِ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ