فعل الْأَمْرِ الْمَحْذُوفِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي: جَعْلُ مِنْ زائدة على رأي الأخفش وكل هي المفعول واثنين صِفَةٌ
الْخَامِسُ: أَنَّهُ بَدَلٌ وَيُنْوَى بِالْأَوَّلِ الطَّرْحُ وَاخْتَارَهُ النِّيلِيُّ فِي شَرْحِ الْحَاجِبِيَّةِ قَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَسْمِ مَادَّةِ التَّأْوِيلِ وَنَظِيرُ السُّؤَالِ فِي الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} فإن مروان بن سعد الْمُهَلَّبِيَّ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَخْفَشَ فَقَالَ: مَا الْفَائِدَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ؟ أَرَادَ مَرْوَانُ أَنَّ لَفْظَ كَانَتَا تُفِيدُ التَّثْنِيَةَ فَمَا فَائِدَةُ تَفْسِيرِهِ الضَّمِيرَ الْمُسَمَّى بِاثْنَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَتَا ثَلَاثًا وَلَا فَوْقَ ذَلِكَ فَلَمْ يفصل الخبر الاسم في شيء؟ فَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ أَفَادَ الْعَدَدَ الْمَحْضَ مُجَرَّدًا عَنِ الصِّفَةِ أَيْ قَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: فَإِنْ كَانَتَا صَغِيرَتَيْنِ فَلَهُمَا كَذَا أَوْ كَبِيرَتَيْنِ فَلَهُمَا كَذَا أَوْ صَالِحَتَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ فَلَمَّا قَالَ: {اثْنَتَيْنِ} أَفْهَمَ أَنَّ فَرْضَ الثُّلُثَيْنِ لِلْأُخْتَيْنِ تَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمَا اثْنَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ وَهِيَ فَائِدَةٌ لَا تَحْصُلُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُوَرِّثُونَ الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ وَكَانُوا يَقُولُونَ لَا نُوَرِّثُ إِلَّا مَنْ يَحْمِلُ الْكَلَّ وَيَنْكِئُ الْعَدُوَّ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ بِتَوْرِيثِ الْبَنَاتِ أَعْلَمَتِ الْآيَةُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي أخذ الثُّلُثَيْنِ مِنَ الْمِيرَاثِ مَنُوطٌ بِوُجُودِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْأَخَوَاتِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى العدد
قال الحريري: ولعمري لقد أَبْدَعَ مَرْوَانُ فِي اسْتِنْبَاطِهِ وَسُؤَالِهِ وَأَحْسَنَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كَشْفِ إِشْكَالِهِ! وَلَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ هَذَا الْجَوَابَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ- وَقَدْ بَيَّنَّا