التَّعْمِيمِ وَالْإِحَاطَةِ حَتَّى كَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ وَمَا من طائر في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم محفوظة أحوالها غير مهمل أمرها
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الطَّيَرَانَ لَمَّا كَانَ يوصف به من يعقل كالجان والملائكة فلولم يقل: {بجناحيه} لتوهم الاقتصار على حبسها مِمَّنْ يَعْقِلُ فَقِيلَ: {بِجَنَاحَيْهِ} لِيُفِيدَ إِرَادَةَ هَذَا الطَّيْرِ الْمُعْتَقَدِ فِيهِ عَدَمَ الْمَعْقُولِيَّةِ بِعَيْنِهِ
وَقِيلَ: إِنَّ الطَّيَرَانَ يُسْتَعْمَلُ لُغَةً فِي الْخِفَّةِ وَشِدَّةِ الْإِسْرَاعِ فِي الْمَشْيِ كَقَوْلِ الْحَمَاسِيِّ:
*طَارُوا إِلَيْهِ زُرَافَاتٍ وَوُحْدَانَا*
فَقَوْلُهُ: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} رَافِعٌ لِاحْتِمَالِ هَذَا الْمَعْنَى
وَقِيلَ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الطَّائِرِ فَقَالَ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ} لَكَانَ ظَاهِرُ الْعَطْفِ يُوهِمُ وَلَا طَائِرٍ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ إِذَا قُيِّدَ بِظَرْفٍ أَوْ حَالٍ يُقَيَّدُ بِهِ الْمَعْطُوفُ وَكَانَ ذَلِكَ يُوهِمُ اخْتِصَاصَهُ بِطَيْرِ الْأَرْضِ الَّذِي لَا يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ كَالدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ وَالْبَطِّ وَنَحْوِهَا فَلَمَّا قَالَ: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} زَالَ هَذَا الْوَهْمُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَائِرٍ مُقَيَّدٍ إِنَّمَا تَقَيَّدَتْ بِهِ الدَّابَّةُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لهم لا تفسدوا في الأرض} مَعَ أَنَّ الْمَعْلُومَ أَنَّ الْفَسَادَ