الَّذِي وُصِفَا بِهِ فَانْتَقَلَ التَّقْدِيسُ وَالْيُمْنُ مِنْهُمَا إِلَى الْجَمَالِ ذَاهِبًا بِهِمَا إِلَى مَا لَا يُحِيطُ بِعِلْمِهِ إِلَّا اللَّهُ
وَكَذَلِكَ: {وَادِ النَّمْلِ} هُوَ مَوْضِعٌ لِابْتِدَاءِ سَمَاعِ الْخِطَابِ مِنْ أَخْفَضِ الْخَلْقِ وَهَى النَّمْلَةُ إِلَى أَعْلَاهُمْ وَهُوَ الْهُدْهُدُ والطير وَمِنْ ظَاهِرِ النَّاسِ وَبَاطِنِ الْجِنِّ إِلَى قَوْلِ الْعِفْرِيتِ إِلَى قَوْلِ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ إِلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ هِدَايَةِ الْكِتَابِ إِلَى مَقَامِ الْإِسْلَامِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وكذلك: {وله الجوار المنشآت في البحر} سَقَطَتِ الْيَاءُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا لِلَّهِ مِنْ حَقِّ إِنْشَائِهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ إِلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِمَّا لَا نِهَايَةَ لَهُ من صفاتها
وكذلك: {الجوار الكنس} حُذِفَتِ الْيَاءُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا تَجْرِي مِنْ مَحَلِّ اتِّصَافِهَا بِالْخِنَاسِ إِلَى مَحَلِّ اتِّصَافِهَا بِالْكِنَاسِ وذلك يفهم لأنه اتصف بالخناس عن حركة تقدمت بالوصف الظاهر ويفهم منه وصف بالجوار في الْبَاطِنِ وَهَذَا الظَّاهِرُ مَبْدَأٌ لِفَهْمِهِ كَالنُّجُومِ الْجَارِيَةِ دَاخِلٌ تَحْتَ مَعْنَى الْكَلِمَةِ
فَصْلٌ: فِي حَذْفِ النُّونِ
وَيَلْحَقُ بِهَذَا الْقِسْمِ حَذْفُ النُّونِ الَّذِي هُوَ لَامُ فِعْلٍ فَيُحْذَفُ تَنْبِيهًا عَلَى صِغَرِ مَبْدَأِ الشَّيْءِ وَحَقَارَتِهِ وَأَنَّ مِنْهُ يَنْشَأُ وَيَزِيدُ إِلَى مَا لَا يُحِيطُ بِعِلْمِهِ غَيْرُ اللَّهِ مثل {ألم يك نطفة} حُذِفَتِ النُّونُ تَنْبِيهًا عَلَى مَهَانَةِ مُبْتَدَأِ الْإِنْسَانِ وَصِغَرِ قَدْرِهِ بِحَسْبِ مَا يُدْرِكُ هُوَ