وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يجعلوه} .
قيل الجواب قوله: {وأوحينا إليه} . عَلَى جَعْلِ الْوَاوِ زَائِدَةً.
وَقِيلَ: الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَنْجَيْنَاهُ وَحَفِظْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا} .
قِيلَ: الْجَوَابُ {وَجَاءَتْهُ} عَلَى زِيَادَةِ الْوَاوِ.
وَقِيلَ الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخَذَ يُجَادِلُنَا وَقِيلَ: {يُجَادِلُنَا} مؤول بـ "جادلنا" وكذلك قوله: {فلما أسلما وتله للجبين} .
أَيْ أَجْزَلَ لَهُ الثَّوَابَ وَتَلَّهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} .
فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا} يَسُدُّ مَسَدَّ الْجَوَابِ لَا أَنَّهُ الْجَوَابُ لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لما ظلموا} .
فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: {أَهْلَكْنَاهُمْ} يَسُدُّ مَسَدَّ الْجَوَابِ لَا أَنَّهُ الْجَوَابُ لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زادهم إلا نفورا} .
فَإِنَّمَا وَقَعَ جَوَابُهَا بِالنَّفْيِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ زَادَهُمْ نُفُورًا أَوِ ازْدَادَ نُفُورُهُمْ
تَنْبِيهٌ: يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بَيْنَ تَجَرُّدِهَا مِنْ أَنْ ودخولها عليه وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ نَاصِبُهَا قَدْ تَعَلَّقَ بِعَقِبِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ خَافِضَتُهُ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ وَإِذَا انْفَتَحَتْ أَنْ بَعْدَهَا أَكَّدَتْ هَذَا الْمَعْنَى وَشَدَّدَتْهُ وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافِهِ الْقَدِيمِ قَالَ وَنَرَاهُ مَبْنِيًّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَّا أن جاءت رسلنا لوطا} الْآيَةَ كَأَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَبْصَرَهُمْ لَحِقَتْهُ الْمَسَاءَةُ وَضِيقُ الذَّرْعِ فِي بَدِيهَةِ الْأَمْرِ وَغُرَّتِهِ