نَفَيُ الشَّيْءِ رَأْسًا.

لِأَنَّهُ عُدِمَ كَمَالُ وَصْفِهِ أَوْ لِانْتِفَاءِ ثَمَرَتِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ أهل النار: {لا يموت فيها ولا يحيى} فَنَفَى عَنْهُ الْمَوْتَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْتٍ صَرِيحٍ وَنَفَى عَنْهُ الْحَيَاةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَيَاةٍ طَيِّبَةٍ وَلَا نَافِعَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وما هم بسكارى} أَيْ مَا هُمْ بِسُكَارَى مَشْرُوبٍ وَلَكِنْ سُكَارَى فَزَعٍ.

وَقَوْلِهِ: {لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فيعتذرون} وهم قد نطقوا بقولهم: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا} وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا نَطَقُوا بِمَا لَمْ يَنْفَعْ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْطِقُوا.

وَقَوْلِهِ: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بها} .

وَقَوْلِهِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كنا في أصحاب السعير} .

وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} ، فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ احْتَجُّوا بِهِ عَلَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ النَّظَرَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِبْصَارَ، وَلَا يَلْزَمُ من قوله: {إلى ربها ناظرة} إِبْصَارٌ.

وَهَذَا وَهْمٌ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُقَالُ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْحُسْبَانُ وَالثَّانِي الْعِلْمُ، وَالْآيَةُ مِنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْ تَحْسَبُهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ لِأَنَّ لَهُمْ أَعْيُنًا مَصْنُوعَةً بِأَجْفَانِهَا وَسَوَادِهَا يَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنَّهَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ بِإِقْبَالِهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ تُبْصِرُ شيئا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015