الثَّانِي: أَنْ يُنْفَى الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ، فَيَنْتَفِيَ الْمُسْنَدُ، نَحْوُ مَا قَامَ زَيْدٌ إِذَا كَانَ زَيْدٌ غَيْرَ مَوْجُودٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ زَيْدٍ نَفْيُ الْقِيَامِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شفاعة الشافعين} ، أَيْ لَا شَافِعِينَ لَهُمْ فَتَنْفَعُهُمْ شَفَاعَتُهُمْ.
وَمِنْهُ قول الشاعر:
*على لاحب لا يهتدي لمناره*
أَيْ: عَلَى طَرِيقٍ لَا مَنَارَ لَهُ فَيُهْتَدَى بِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَنْ يُثْبِتَ الْمَنَارَ فَيَنْتَفِيَ الِاهْتِدَاءُ بِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُنْفَى الْمُتَعَلِّقُ دُونَ الْمُسْنَدِ وَالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ نَحْوُ مَا ضَرَبْتُ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا.
الرَّابِعُ: أَنْ يُنْفَى قَيْدُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ أَوِ الْمُتَعَلِّقِ نَحْوُ مَا جَاءَنِي رَجُلٌ كَاتِبٌ بَلْ شَاعِرٌ، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَاتِبًا بَلْ شَاعِرًا، فَلَمَّا كَانَ النَّفْيُ قَدْ يَنْصَبُّ عَلَى الْمُسْنَدِ وَقَدْ يَنْصَبُّ عَلَى الْمُسْنَدِ إليه أو المعلق وَقَدْ يَنْصَبُّ عَلَى الْقَيْدِ احْتَمَلَ فِي قَوْلِنَا: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَاتِبًا أَنْ يَكُونَ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْقَيْدَ فَيُفِيدُ الْكَلَامُ رُؤْيَةَ غَيْرِ الْكَاتِبِ وَهُوَ احْتِمَالٌ مَرْجُوحٌ وَلَا يَكُونُ الْمَنْفِيُّ الْمُسْنَدَ أَيِ الْفِعْلَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ رُؤْيَةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى رَجُلٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ فِي الْمَرْجُوحِيَّةِ كَالَّذِي قَبْلَهُ.