الثامن: من الماضي إلى الأمر، كقوله: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كل مسجد وادعوه} وَقَوْلِهِ: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزور} التَّاسِعُ: مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى الْأَمْرِ، تَعْظِيمًا لِحَالِ مَنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ الْمُسْتَقْبَلُ. وَبِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، كَقَوْلِهِ تعالى: {يا هود ما جئتنا ببينة} إلى قوله: {بريء مما تشركون} فإنه إنما قال: {أشهد الله} ،و {اشهدوا} وَلَمْ يَقُلْ [وَأُشْهِدُكُمْ] لِيَكُونَ مُوَازِنًا لَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْنَى إِشْهَادِ اللَّهِ عَلَى الْبَرَاءَةِ صَحِيحٌ فِي مَعْنًى يُثْبِتُ التَّوْحِيدَ بِخِلَافِ إِشْهَادِهِمْ فَمَا هُوَ إِلَّا تَهَاوُنٌ بِدِينِهِمْ وَدَلَالَةٌ عَلَى قلة المبالاة به فلذلك عدل عن لفظ الْأَوَّلِ لِاخْتِلَافِ مَا بَيْنَهُمَا وَجِيءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ مُنْكِرًا اشْهَدْ عَلَيَّ أَنِّي أُحِبُّكَ.
الْعَاشِرُ: مِنَ الْمَاضِي إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ، نَحْوَ: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ} ، {فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير} ، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} .
وَالْحِكْمَةُ فِي هَذِهِ أَنَّ الْكُفْرَ لَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ إِذَا حَصَلَ أَنْ يَسْتَمِرَّ حُكْمُهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي لِيُفِيدَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ نافيا أَنَّهُ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ زَمَانٌ وَلَا كَذَلِكَ الصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ إِنَّمَا ثَبَتَ حَالَ حُصُولِهِ مَعَ أَنَّ فِي الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ إِشْعَارًا بِالتَّكْثِيرِ،.