الثَّالِثُ: مِنَ الِاثْنَيْنِ إِلَى الْوَاحِدِ، كَقَوْلِهِ: {فَمَنْ ربكما يا موسى} ، {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} .
الرَّابِعُ: مِنَ الِاثْنَيْنِ إِلَى الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ: {وَأَوْحَيْنَا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصلاة وبشر المؤمنين} ، وَفِيهِ انْتِقَالٌ آخَرُ مِنَ الْجَمْعِ إِلَى الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ ثَنَّى ثُمَّ جَمَعَ ثُمَّ وَحَّدَ تَوَسُّعًا فِي الْكَلَامِ.
وَحِكْمَةُ التَّثْنِيَةِ أَنَّ مُوسَى وَهَارُونَ هُمَا اللَّذَانِ يُقَرِّرَانِ قَوَاعِدَ النُّبُوَّةِ وَيَحْكُمَانِ فِي الشَّرِيعَةِ فَخَصَّهُمَا بِذَلِكَ ثُمَّ خَاطَبَ الْجَمِيعَ بِاتِّخَاذِ الْبُيُوتِ قِبْلَةً لِلْعِبَادَةِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْمُورُونَ بِهَا ثم قال لموسى وحده: {وبشر المؤمنين} لِأَنَّهُ الرَّسُولُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي إِلَيْهِ الْبِشَارَةُ وَالْإِنْذَارُ.
الْخَامِسُ: مِنَ الْجَمْعِ إِلَى الْوَاحِدِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين} وَقَدْ سَبَقَ حِكْمَتُهُ. وَمِنْ نَظَائِرِهِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} ثم قال: {إما يأتينكم مني هدى} ، وَلَمْ يَقُلْ [مِنَّا] مَعَ أَنَّهُ لِلْجَمْعِ أَوْ لِلْوَاحِدِ الْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ وَحِكْمَتُهُ الْمُنَاسَبَةُ لِلْوَاقِعِ فَالْهُدَى لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اللَّهِ فَنَاسَبَ الْخَاصَّ لِلْخَاصِّ.
السَّادِسُ: مِنَ الْجَمْعِ إِلَى التَّثْنِيَةِ، كَقَوْلِهِ: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا} إلى قوله: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} .
السَّابِعُ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِنَ الِالْتِفَاتِ تَعْقِيبَ الْكَلَامِ بِجُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ مُلَاقِيَةٍ لَهُ فِي الْمَعْنَى عَلَى طَرِيقِ الْمَثَلِ أَوِ الدُّعَاءِ، فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ: {وَزَهَقَ الباطل إن الباطل كان زهوقا} والثاني كقوله: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم} .