وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ: {وَقَالَ الْمَلَأُ من قومه الذين كفروا} ، فَقُدِّمِ الْمَجْرُورُ عَلَى الْوَصْفِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْهُ - وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ تَمَامَ الْوَصْفِ بِتَمَامِ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْمَوْصُوفُ وَتَمَامُهُ {وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحياة الدنيا} - لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ فِي الْقَائِلِينَ أَهُمْ مِنْ قَوْمِهِ أَمْ لَا؟ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه} فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى الْأَصْلِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي سورة طه: {آمنا برب هارون وموسى} .
بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ: {رَبِّ مُوسَى وهارون} .
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نحن نرزقكم وإياهم} ، وَقَالَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} قَدَّمَ الْمُخَاطَبِينَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْخِطَابَ فِي الْأُولَى فِي الْفُقَرَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {من إملاق} فَكَانَ رِزْقُهُمْ عِنْدَهُمْ أَهَمَّ مِنْ رِزْقِ أَوْلَادِهِمْ فَقَدَّمَ الْوَعْدَ بِرِزْقِهِمْ عَلَى الْوَعْدِ بِرِزْقِ أَوْلَادِهِمْ والخطاب في الثانية للأغيناء بدليل: {خشية إملاق} فَإِنَّ الْخَشْيَةَ إِنَّمَا تَكُونُ مِمَّا لَمْ يَقَعْ فَكَانَ رِزْقُ أَوْلَادِهِمْ هُوَ الْمَطْلُوبَ دُونَ رِزْقِهِمْ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ فَكَانَ أَهَمَّ فَقَدَّمَ الْوَعْدَ بِرِزْقِ أَوْلَادِهِمْ عَلَى الْوَعْدِ بِرِزْقِهِمْ.
وَمِنْهَا ذِكْرُ اللَّهِ فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ الْمَلَائِكَةِ: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غيب السماوات والأرض} فقدم ذكر السموات لِأَنَّ مَعْلُومَاتِهَا أَكْثَرُ فَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَدَلَّ عَلَى صِفَةِ الْعَالِمِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السماوات} فَبَدَأَ بِذِكْرِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ فِي.